بدأت مسيرة العمل العام وخدمة المجتمع في مدينة الإسكندرية على مدار مئات السنين، ولأهل الإسكندرية جهود كبيرة في إنشاء جمعيات أهلية تخدم غايات وتطلعات المجتمع في الرعاية الاجتماعية والثقافية والعلم والتنمية وحقوق الإنسان كما أن تلك الجمعيات سعت على مدار تاريخها إلى خدمة الطبقات الأكثر احتياجًا.
وقد لعبت النخبة المصرية دورًا كبيرًا في إنشاء تلك الجمعيات ونشر خدماتها. وكان أحد هؤلاء الذين وضعوا بصمة حب في قلوب كل من عرفه المهندس محمد صبري. وهو واحد من أهم رواد العمل العام بالإسكندرية ومؤسس نادي روتاري الإسكندرية فاروس.
قد استقبلت الإسكندرية بكثير من الحزن والأسى في أول أيام شهر أغسطس الجاري خبر فقدان القامة العظيمة وأحد رواد الصناعة المصرية المهندس محمد صبري، رئيس جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية السابق، ومؤسس العديد من الجمعيات الأهلية بالإسكندرية، والعديد من الأندية الروتارية. وهو صاحب مسيرة العطاء في خدمة الاقتصاد الوطني، وواحد ممن قدموا خدمات جليلة في العمل الاجتماعي على مدار عمره وتاريخه المشرف.
كنت قد تشرفت بمقابلة المهندس محمد صبري في العديد من الندوات والاجتماعات التي تعقد لبحث سبل خدمة المجتمع. وقد وجدته شخصية يندر أن تقابل مثلها إلا قليلًا فتجده دائمًا مبتسمًا بشوشًا يجعلك تشعر من أول لقاء أنه صديق وأب وأخ كبير. وعندما تغوص في أعماق شخصيته، تجده رجل الخير والكرم والعطاء والإحسان والشهامة والعدل والحكمة.
عندما تجلس معه تجده دائمًا يسأل المقربين منه عن الأعمال الخيرية قبل المشروعات. ويظهر ذلك في إنفاقه من خلال نادي روتاري الإسكندرية فاروس وغيره من الجمعيات الأهلية على مشروعات تنمية المجتمع في العديد من المجالات، ومنها الرعاية الصحية، ومساندة ذوي الهمم، والقوافل الطبية، وتطوير المدارس وتجديدها، والقضاء على الأمية، وفصول التقوية، وكفالة الأيتام، ورعاية الملاجئ. كما ساهم في تبنى أوائل امتحانات الثانوية العامة، وسداد الرسوم الدراسية وتوفير الكتب والمستلزمات والرعاية الصحية والاجتماعية للتلاميذ، كما ساهم في تطوير عدد من القرى الفقيرة، بالإضافة إلى رعاية الإبداع والفنون والثقافة. وكان الراحل دائم التبرع لمصر في أوقات المحن والشدة، حيث كان واحدًا من المتبرعين لدعم جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا؛ لذلك استحق بجدارة أن يطلق عليه زملاؤه ملك القلوب. وسوف يظل هذا اللقب دون وريث فترة طويلة حتى يأتي من يخلفه في حلاوة روحه ودماثة خلقه وقدرته على توظيف كل إمكانياته لخدمة مجتمعه.
رحل صبري بعد صراع طويل مع المرض. وترك خلفه رصيدًا كبيرًا من أعمال الخير التي تركت بصمة في قلوب الناس. وترك لأبنائه وأصدقائه إرثًا كبيرًا من حب الناس والذي ظهر جليًا يوم جنازته التي خرج فيها المئات من أبناء الإسكندرية وقياداتها تعبيرًا عن حبهم لهذا الرجل وتقديرًا لكل أعماله.
رحم الله زعيم العمل الاجتماعي وعاشق الإسكندرية المهندس محمد صبري، صاحب التاريخ الطويل في خدمة الوطن.
Email: [email protected]
محمد مجدي عقل
محمد صبري
